تبعد جزيرتا تيران وصنافير عن بعضهما
بمسافة نحو أربعة كيلومترات في مياه البحر الأحمر، وتتحكم الجزيرتان في
مدخل خليج العقبة، ومينائي العقبة في الأردن، وإيلات في إسرائيل.
وتقع
جزيرة تيران عند مدخل خليج العقبة، على امتدادٍ يتسم بأهمية استراتيجية
يطلق عليه "مضيق تيران"، وهو طريق إسرائيل لدخول البحر الأحمر.
وتعد جزيرة تيران أقرب الجزيرتين إلى الساحل المصري، إذ تقع على بُعد ستة كيلومترات عن منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر.
وتتمركز
القوات المصرية في الجزيرتين منذ عام 1950. وكانتا من بين القواعد
العسكرية الاستراتيجية لمصر في فترة العدوان الثلاثي عام 1956، واستولت
إسرائيل عليهما في ذلك الوقت.
كما سيطرت إسرائيل على الجزيرتين مرة أخرى في حرب 1967 لكنها أعادتهما إلى مصر بعد توقيع البلدين إتفاقية سلام في عام 1979.
وتنص
بنود اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية على أنه لا يمكن لمصر وضع قوات
عسكرية على الجزيرتين، وأن تلتزم بضمان حرية الملاحة في الممر البحري الضيق
الذي يفصل بين جزيرة تيران والساحل المصري في سيناء.
والجزيرتان غير مأهولتين بالسكان، باستثناء وجود قواتٍ تابعةٍ للجيش المصري، وقوات حفظ السلام متعددة الجنسيات منذ عام 1982.
وأعلنت
السلطات المصرية الجزيرتين محمية طبيعية بعد أن أعادتها إسرائيل إليها،
وباتت الجزيرتان مقصدا للسياح الذين يمارسون رياضة الغوص في البحر الأحمر.
وجاء
قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أبريل/نيسان 2016 الماضي بتبعية
الجزيرتين للسعودية ليفجر حالة من الغضب الشعبي، وأزمة داخلية بين مؤيد
للقرار ومعارض له.
وواجه السيسي انتقاداتٍ حادة، وصفت بأنها أشبه بـ"بيع" للأراضي المصرية،
لاسيما بعد أن جاء القرار أثناء زيارة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد
العزيز، لمصر في ذلك الوقت. وأعلن الملك سلمان أثناء الزيارة عن مجموعة من
المساعدات والاستثمارات السعودية في البلاد.
وعبّر عدد من المصريين
عن سخطهم بشأن قرار السيادة على الجزيرتين من خلال تنظيم احتجاجات، في حين
اغتنم سعوديون الفرصة للتباهي بالجزيرتين اللتين أقرت مصر بتبعيتهما لأراضي
بلادهم.
وقد قضت محكمة مصرية، في حكم نهائي،
ببطلان اتفاقية بين مصر والسعودية تقضي بتبعية جزيرتي تيران وصنافير
الاستراتيجيتين في البحر الأحمر للمملكة.
ويؤكد حكم المحكمة الإدارية العليا "استمرار السيادة المصرية" على الجزيرتين الواقعتين بمدخل خليج العقبة بالبحر الأحمر.
ونشرت السلطات المصرية قوات الأمن حول المحكمة وسط حال استنفار. ومنعت دخول الصحفيين المحكمة.
وكانت مصر والسعودية قد وقعتا العام الماضي الاتفاقية التي تتضمن إعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
وتقول الحكومة المصرية إن المباحثات بشأن الاتفاقية أظهر تبعية الجزيرتين للسعودية، ما أثار احتجاجات واسعة في مصر.
وتصر السعودية على أن لديها وثائق تثبت ملكيتها للجزيرتين.
وقال القاضي الذي رأس جلسة المحكمة الإدارية العليا الاثنين، في حكمه إن "سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها".
وعقب
جلسة النطق بالحكم التي بثها التلفزيون المصري على الهواء، ردد المحامون
والحاضرون في قاعة المحكمة هتفات من بينها "مصرية مصرية" في إشارة إلى
الجزيرتين.
ولم يصدر رد فعل فوري من جانب السعودية بشأن الحكم.
غير أن أنور ماجد عشقي، عضو مجلس الشورى السعودي السابق، علق على الحكم قائلا إن السعودية قدمت إلى الجانب المصري المستندات الكافية لإثبات سعودية الجزيرتين.
وأضاف أن السعودية "قد تلجأ إلى الأمم المتحدة والتحكيم الدولي."
وأشار
عشقي إلى أن التوتر في العلاقات بين البلدين "ناشيء عن خلافات بشأن قضايا
إقليمية، وليس في الأساس بسبب التنازع على السيادة على الجزيرتين."
انقسام برلماني
وطالب أعضاء في مجلس النواب (البرلمان) المصري بأن يمتنع المجلس عن النظر في الاتفاقية.
وكانت
الحكومة المصرية قد أحالت، في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، الاتفاقية
إلى البرلمان لمناقشتها وإقرارها، وهو ما رآه منتقدو الاتفاقية محاولة
للالتفاف على حكم القضاء.
وقال النائب إيهاب الخولي، أمين سر اللجنة
التشريعية في البرلمان المصري، إن البرلمان غير مختص بنظر
الاتفاقية، بعد الحكم. وعبر عن اعتقاده بأن حكم المحكمة الإدارية العليا
حسم الأمر وأقر ببطلان الاتفاقية، وبالتالي فإن أي مناقشات حول هذا الأمر
لا تخص البرلمان إذ تعد الاتفاقية تنازلا عن جزء من أرض مصر.
كما دعا
نواب آخرون الحكومة إلى قبول حكم المحكمة وعدم اللجوء إلى المحكمة
الدستورية. وطالبوا بفتح حوار من جديد مع الجانب السعودى حول كيفية إعادة
التفاوض بشأن الجزيرتين.
وطالب النائب أنور السادات زملاءه بالتوجه إلى تيران وصنافير ورفع علم مصر عليهما.
غير أن تحالفا مؤيدا للحكومة في البرلمان أصر على التمسك بما اعتبره اختصاص البرلمان بنظر معاهدة ترسيم الحدود مع السعودية.
وقال ائتلاف دعم مصر، وهو التحالف البرلماني الأكبر البرلمان، إن حكم
المحكمة الإدارية العليا "لن يغير من حقيقة اختصاص مجلس النواب بنظر
المعاهدات الدولية".
وأشار في بيان "إلى أن اللائحة الداخلية
للبرلمان تخول له تقرير طريقة إقرار الاتفاقيه، أو كونها مخالفة لأحكام
الدستور، أو تتضمن تنازلا عن الأراضي المصرية".
وأضاف البيان أن "القول الفصل النهائي في هذا الموضوع في النهاية سيكون للنواب ممثلين عن الشعب".
ونُشرت
قوات الشرطة وعناصر أمنية بملابس مدنية في الشوراع المحيطة بمقر المحكمة
في مبنى مجلس الدولة وأمام البوابة الرئيسية، تحسبا لدعوات التظاهر التي
أطلقها نشطاء يحتجون على الاتفاقية ويعتبرونها بيعا لإراض مصرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق