من
الناحية الشرعية فإن الزواج من الأمور المباحة والجائزة شرعًا ولا يُقيد
إلا بالبلوغ، ولم يحدد الشرع سِنًا معينة للزواج، والراجح – والله أعلم –
ما ذهب إليه بعض الفقهاء من تقييد سن الزواج بسن معينة،
وهو لا يعد من الأمور التي فيها مخالفة للشرع، بل هو من باب تغير الفتوى
بتغير الزمان والعرف والحال؛ ولذلك من القواعد الفقهية المعمول بها عند
الفقهاء:}لا يُنكر تغيّر الأحكام بتغير الزمان{، على أن يكون تحديد سن
الزواج من ولي الأمر مشروطًا بالمصلحة التي يتوخاها التشريع، ويدفع
المفسدة عن القاصرات، لأن تصرفه منوط بالمصلحة كما نص الفقهاء.
المسؤولية الأساسية
تقع على الدولة المسؤولة قانونيا عن حماية الأطفال ليس فقط من البغاء بل
حتى من الزواج المبكر، حيث إن زواج القاصرات له عواقب وخيمة لأن الفتاة لا
تنمو فكريًا ولا عقليًا ولا جسديًا فكيف تكون مسئولة عن أسرة بأكملها وهي
في وقت من المفترض أن يكون والديها مسئولين عنها.
والقانون يجرم توثيق
عقد الزواج قبل السن القانونية وهي 18 سنة، وتنص المادة رقم 31 مكرر من
قانون الطفل رقم 126 لعام 2008، على أنه “لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم
يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، ويشترط للتوثيق أن يتم
الفحص الطبي للراغبين في الزواج للتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على
حياة أو صحة كل منهما أو على صحة نسلهما، ويعاقب تأديبيًا كل من وثق
زواجًا بالمخالفة لأحكام هذه المادة”.
وتزويج القاصرات يعد
جريمة تزوير يعاقب عليها المأذون بالسجن المشدد، ويخضع لقانون العقوبات
باعتباره تزويرًا في محرر رسمي، والعقوبة المفروضة على المأذون الموثِق هي
السجن المشدد لارتكابه التزوير في عقد الزواج بالنسبة للقاصرات. أما قانون
الأسرة والأحوال الشخصية الجديد فقد حدّد سن الزواج للإناث بـ18 عاماً بعد
أن كان 16 عاماً، وأن عقد الزواج دون السن القانونية يعد مخالفة للقانون مع
أن هذا الزواج شرعي لكونه مبنياً على القبول والرضا بين الطرفين واكتمال
الأنوثة للبنت والرجولة للشاب إلا أنه غير موثق قانونياً.
ورغم أن القانون جرّم
“تزويج القاصرات”، إلا أن اللاتي أصبحن زوجات، فإن زواجهن صحيح ومن مصلحة
الزوجية أن يستمر هذا الزواج، لكن المأذون يعاقب، فزواجهن صحيح شرعاً
ومستمر، وكون القانون حدد الزواج بسن 18 عاماً لا يعني مخالفة الزواج من
الناحية الشرعية رغم مخالفته قانونياً بالتزوير، وهي الجناية التي يعاقب
عليها كل من المأذون وولي الأمر المشترك في الجريمة وفقاً لقانون العقوبات.
والذين يعارضون هذا
القانون يحاولون استغلال الدين في تحليل الجريمة، فيستندون إلى أن الإسلام
لم يحدد سنا معينا للزواج، ويمكن الرد على ذلك بأن الأصل في الإسلام هي
المقاصد وليست الألفاظ، وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم “يا معشر
الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج”، والباءة هنا هي القدرة البدنية
والقدرة المادية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق